{ شآمآتُ الفـقـد..(جزء1)}





..........
أرصفةُ مدكوكة وترتسمً على محياها زهورا ذاوية وممرُ باليْ غابرْ متعوج علىً أطرافه تشخصُ صفصافه باسقة, وأسفلها غديرُ من المياه يرويها حتىَ تمسيه ناعسة,
وثمًـ  تقطنْ نهاية الممرْ دارُ جدرانها هشة, وطلائها منسلخ, ترصعها –شرفات- صغيرة مدلقة , و عندْ البابْ المًترعْ بالثقوب  عتبة هيَ الأخرى أصابها إهتراء  و اندكاك , وعجوزاً حفرتْ ملامحها بذبولْ المشيبْ وبشامات الفقدْ المريع  تنهشُ بالبكـاء قدْ أرخت أستارها و اتكأت علىَ صبية في السابعة من عمرها,  أثوابها اثواب بؤسٍ مرقعة تئنُ فقرا, وخلفهمْـ غلاماً ينادوه –بكرا- ذا ملامح حادة وفتوة حالمة ووجنتان منتفخان ثأرا يبقضُ يدا –أمه- وهيْ المرأة الصارمة التيْ أسبلتها السنين قهرا و ألطمتها الطوارق ففاضت رضا وصبرا  وربتت على كتفا بكرٍ  ألا أنت الثأرً أنتَ ...!
فحوقلت عجوزهمـ إذ تعثرت وولجت الدارَ وأُسدٍلت سجفُ ليلة الرحيل و اتضاحٍ شامات الفقد أكثر ..ّ~
...
المطرً يدق  شوارع –حمص- بغزارة , والنسيمًـ تُهسهس  بمآ لا يفهمًـ  وأمَـ بكرْ  تزيح عن النوافذ أستارُها وتسقي أحزانها بزخات المطرْ  وترسمً علىَ غبش الزجاج  لوحة القهر ملونة بسواد الضيم وبياض الرحيلْ و اصفرار الأنسْ واحمرار الشوقْ وخضرة الأرض  ثمـً تواريْ مدامعها كفوف الرضا وتًموِهًها  بإبتهالة الغيثْ  وتلقي بجسدها الذاوي فراش الأنتظار ..!
...
شعاع الشمسُ يضايقْ عينيها ويغزلً النهارات الباكرة  وضجيجْ ارتطامات الأواني ببعضها يعلتجً  ورائحة القهوة تزكي انغباشها  تسربلُ جسدها بتثاقلْ وتعركُ أهدابها تهمسُ فيْ إذني طفليها حآن الصباحْ الألق ..!
تحزمًـ حقائبهما وتقلهما على كتفها لكأنما تقلْ أرواحهمْـ وتُحَوٍطُ ذراعها الأيمن وسط بكر والأيسر وسط –راوية -  وصوب أفنية المدرسة تنأى بيديها وتلوحً لهم وداعاً سلاماً  حتى يتواريا ...,
ثمتَ  تيمم عجوزها  كجل الصباحات المنصرمة يستويان تحت الصفصافة ويستشفان القهوة بمرارة بالغة لتفني الوجع  في حُثالاتُها  وأهازيج ثورةٍ تئزُ قلوبُهما أزا
...
تنزويْ العجوز على غصن الصفصافة متلحفة بصمتْ الغياب تحدقُ بعينيها القاحلتان تحت أجفان مترهلة وجبينْ مخطوطُ بخطوطْ الهٍرم  باب دارها المتخشبْ المثقب  تنتظرُ  عشقها و جذلها البار أن يهيلُ  عليها بقبلات وبسمات تنسف أشواقها  نسفا وأن يجيء ببشاشة محياه ودعابةٍ روحه وبشغفها الساحرْ يُهامسهُا يرويْ عليها حكايات الرحيل وبأس العناد  وأنه ماضٍ حيثُ مالج القومـً  ضد الأغاود ..
فيخرج والصحابْ يجبونَ أزقة الشامٍ هتافا للجياد وعدلاً ونصرة للعباد وما معه غير الروحٍ عتادْ   ..!~
ويعود قبيلْ المساء  يرددً فلانُ يا أماه اليومًـ  بات عزيزاً ومات شهيداً..!
ومازال في ترديد ذلك حتىَ اكتسى اكفان الشهيدْ
( إيه بُنيَ  , نسلت أنفاسك  شهيدا وفارقتنا ولممنا و اياك الوادع قبيل روًاح الرُوح حيثُ السماء , إيه بُني قدْ رحلتَ  وتجمهرت أنفاسك تتلوا البشرىَ بلحنها الطروبْ , فأدلجَ القومَ يطرقون روحيْ بمعولْ الفخرْ  يتهافتونْ :-  وثابْ وَثٍب شهيدا...؟!
وتغمسُ العجوز دمعة أبت إلا أن تهوىَ بيدين ترتجفان ألماً يشاطره الضيمْـ...
( إيه وثْاب بني  مآ أبكيك والله حزناً ولآ بوسا وأنا أمُـ  الشهيد–وتبا لأم الشهيد أن تبكيا-  واهاً بُنيْ لو علمت لما أبكيك  لنبشت أترابك وجئت تعانقني  شافيا
بُنـيْ أبكيْ محياك الأغر ومبسمك ذا الطهر وسناك الأجلْ  حين دلفتُ إليها وإياي بكرُ وراية قد اقتطفا زيزفون دارنا وفتقوا صفصافتنا لنزين بها النعش  جئنا إليك حثيثا ومن قبلنا اصحابك  سٍراعا..
وهيهات هيهات لناظري من أن يتكحلا بمحيى الشهيد بُني وثابا ..!~
حين لج الأوغادُ فينا وساقونا بهوان حيثُ أراضينا ..!
فرقونا  ياوثاب .. ورموا بالزيزفون وبصفصافنا
وما أذنوا لعجوزٍ طالها الشيبُ من كل حدب وصوب نسلْ ..! أن تشفي شوقها بقبلاتٍ صماء علىَ جبينك وأن تسقي الجذل بمحياك الأغرْ , وتزف –مابقى له من ابن- مع القومٍـ حيثُ الثرىَ ..!
وما لحقَتْ أكفانك إلا زمرة يسيرة من القومـ إذ الباقونَ فروا بأرواحهمْـ  وما سلمْـ من القومـ إلآ من فر..؟!
وعدتُ أنا أفرّ ..-فيآآآ عفوك يآبنيْ- ماقدرتُ على شق الصفوف ولطمـْ الجموع حتى إلىَ بنيَّ أصل..!
لممتُ ما تبقى لي من قهر وجبرتُ الكسر وداويتُ ما لقيتُ من  ظلمْـ  بدموعْ أمراءه مكلومة ثكلى  أقبض يدا ابني بكر وراوية ندوس الصفصاف و الزيزفون  ونمطرْ أزقتنا ثأرا و اصطبارا ...!
وعدتُ بُنيَّ البارحة من  وجدٍ ما كمل وشوق ما وصلْ  وقهرٍ أشتعل  وحزنا ماضيا أنفتل  فذكراك وثابْ ذكرىَ أباكَ  أبا رياضْ
فقدْ غيبوه في غياهب السجن اللعينة سنيناً طوال , ومافتئنا نناشدُ أخباره ونرتجي يوماً  نزوره في القضبان نواسيه .. وبعداً لذلك حالما ألُجمتْ أفواهُنا بأنه قدْ مات مذ خريفين وثالثا وقدْ يزيدْ ..! ألُجٍمنا بتيك  احدُ سجناء حيّنا حينما  عانق الحرية فيممّـ  دارنآ بخبرْ يقينّ مميتْ حدّ التنكيلْ
وما كدتُ أنسى قطيب جبينك وتهجمـْ ملامحك حينئذ أنصتً للخبرْ  مآ غابت عني أبدا وأنا اليومـ أستحضرها وأترابك يسمعونيْ  بأنك كنت  علىَ هؤلآء الطغاة –من غيبوا أباك عتماتْ السجونْ ثمَ وحشات القبورَ- شهما وحصناً منيعا  بصدره العاريْ عثر توغلهمْ في أراضينا حقاً توجت أباكَ وأمكَ وعشرتك أجمعين شرفاَ زبرجديْا يكتنزه التأريخ ..!
 ...
تتوسدْ الرملَ من حرّى دميعاتٍها ما إسطاعت جلوسا ,
وتلوكْ الذكرىَ أقربَ فأقربّ  لحينّ مساء تجملًه نجومْـ الأملَ الزاكيّ يوم كان رياضا بكرُها ومالها غيره –منّ أملْ- يضجً في نواحيها بعدَ رحيل  أخيه –وثْابْ-  كان يوماً ثقيلاً ومساءا يزيد ظلاماً  كلما دقت عقاربُ الساعة تشيرُ لدنو البزوغ  و-رياض- ما عادْ من كدحه  ..!
( لتجيء  -بنان- وبكرْ وراوية بحجريْ نآعسة ,, تلطمُنّيْ بالفقدْ الثاني على توالي  مَشيبيْ
فرياض كُبلَ اليومْـ  وجرجرَ بسلاسل غلاظ  حيثُ سجونهمْـ المقفرة من كلٍ إنسانية ..!
هكذا كان الفقد الأولْ والغيابْ الغائض فيّ لجة الأملْ  واليتمّـ المموه المرتسمْ علىَ ملامح طفلاه  بكر وراوية  ,
والترملْ  الممزوج بشيءِ منْ الإنتظارْ المخيف  مندسُ بين ثنايا أهدابْ –بنان-  كلما طرفت لاحت  هنالك معالمـ الترمُلَّ
وكمثلٍ ٍ ما كان مع أبيـه , حُرمنا زيارتهُ أو مهاتفته أو اقل القليل مراسلتهُ لا شيء يريدونّ غيرَ نسيانه ..؟
وتباً لهم ذاك وفي العين قد سكن ..؟ )
وقضىَ  الصبوح  بلوعة المفقود وبذكرىَ شجن مازال  يفيضْ..!

..................


ولآتزالُ (شآماتُ الفقدٍ) ترتسمْ فيْ جزءهآ التآليْ ...ْ~





المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عاد بي، للذي ما عاد لي …

العشم .

تدوينة الميلاد، و العام ….