مُبْتَذلة ....
لا تسَلْني كيف أنا ؟
- لا أبدو جيدةً وكفى
لا تقلْ لما ؟
- فلا أدري ممّا !
- عانِقْنِي فقط ، عانقْ الحرفَ فإنّهُ أنا .
ثمَ قُلْ لي !
ماذا لو كنتُ في شعفِ ابْتذالي !
أكنتَ تُريدني
أكانتْ عيْناكَ تشتَاقُنيْ !
أتتلهفُ لي !
وأنا في غايةِ مِزاجِيتيْ ، وأنا أتمخضُ في سكوني وأرتشفُ قهوةً سوداءَ كما يَسّودُ بياضُكَ فيّ
وأنا أتوسدُ موطِأ المكتبةِ ، عابثةً بأقدامي جهةَ السقفِ والقفا إليه ، مُفترشةً كتابًا قديمًا حروفهُ كمخطوطةٍ ، أعْبَثُ بخصلاتِ شعرٍ تندبُ حظّهُ تطايرُ شرارتِه من يمينٍ وشمألِ تشكو تقصيرَ حرارةِ التصفيفِ ، عاليهُ سوادٌ ممزوجٌ بالقانيّ كعادةِ ألوان شعورِ فتياتِ الخيام ، وأسْفَلهُ لونُ غروبِ الشمس على شُطآنٍ أوروبية بقايا أصباغٍ تلاشتْ ، لاينتميانْ لبعضِهما كما نحنُ ياصاحبي شيئانِ مختلفا الألوان مجتمعا الشُعُورِ ....
و مِن خلفِ أستارِ هذا الإسدالِ المتجعّد بمسارات رقيقة لخفّته شحوبٌ على عرْشهِ هالةُ الأحداقِ تُتمّمُها حاجِبانِ خفيفانِ تُنبأ ببساطةِ النظرة بفقرِ الوجدانِ
وعرّج على الساحِ لتلْحظ مسامٌ يتسعُ كلما دانيتَ ذروة الوجنتين ، هو يتنفّسُكَ أوْ يُخرجُكَ !!!
لاأدري ، وأدري أنّه يُعاضدُهُ بعضُ النتوءاتِ وشيئًا من البروز الدُهني اثنان أو ثلاثة وخامسة على وفقِ عَدِّ مرْآتي اليوم ، بشرة متهالكةٌ مُتعبةٌ كأنّ شمسَ العُمْر أيْبست روْنقَها وبخّرتْ ريّا نديّها .......
و لابأسَ نتلو شيئًا من عسْجدِ الذبول " حبّةُ خالٍ" كما يُصطلح عليها ولا لي علمٌ بمناسبةِ الخالِ والحبِّ !
تضطجعُ أعلى الشفاهِ على يمنيكَ ياصاحب ....
لكن لاتسلو بها عن تقشفُ الشفتينِ كخرائطِ جويّة اممم لا ، تشبيهٌ بعيد
بل تمامًا كـ تِيكَ البيضة المسْلوقة التي كنتُ في صباي لا أتقنُ فكّ قشْرتِها فما يتبقى ليْ منها من كثيرِ قشور مع الكتلة البيضاء والغطاء الشفاف الرقيق بيديْ الصغرتين كنتُ أسلّهُ سلاًّ
هكذا تمامًا أفعلُ بشفاهي على ذاتِ الأنامل لمْ تكبر كثيرًا !!
ومزيدُ اعتياديةٍ وابْتذال كقرطايْ على أربعِ ثغورٍ هما
هما
مُذ شهورٍ هل تراهُما على ذاتِ التلألأ !!؟
لا تبْصرِ النحرْ فقد خوى مِن قلائدهِ ، ومكانُها قيعانُ الترقوةِ التي كنتُ أمعنُ في حملِ الأثقال حتى يتجلّى لي لأبدو كـ احدى نجماتِ هوليوود نحافةً !!! مازلتُ لم أحظى بأمنيتي تجاهُها كنتُ أقول أريدُ أن أسكب في تجوفيها ماءً فيبقى !!!!!
واممم هل يعتادُ ناظِريكَ قميصي الرّث ذو الأكمامِ الواسعة، وفتحةُ العنقِ الرَحْبةِ ، يَحجبُ حتى ركبتايْ ، ....والساقُ لمطلقِ التأرجحِ
كمتكئ طفلةٍ تعبثُ بأقلام التلوين على كرّاسِها ... هذا المتكئ يُوحي باللاشيء للاشيء ! !!
- بالمناسبة أكتبُ لكَ على ذات المُتكئ -
ثمّ
هل تُشْغَفُ يداكَ باحتضانِ كفّيْ وهي تروحُ وتجيء مع خصلاتِ شعرها متراقصةً رقصةً جِدٍّ مع أحداقي المغمورةِ بين طيّاتِ الكتاب !
هل تُدْنِيها لِقُبْلتِكَ بأديمِها القاحِلِ وعروقِها الناتئةِ تضخُ وجعًا مُشَكِلَةً خرائطَ أنهارٍ لا تتوقفُ حتى المرْفق
وهل تصْطَدِمُ شِفَاكَ بارتفاعاتِ الكوعِ والبوعِ الشاهقةِ عن مستوى سطحِ استواءِ الكفّ !
وهل تتأمّلُ أطرافَ الأناملِ ومايُحيطُ الأظْفار مِن بؤسٍ على شاكلةِ قفرٍ وبعضُ سدرةٍ لمْ تُسقى بعنايةِ " البديكير والمنيكير " ، ترى السبابة صلبَ ظفرها بلغَ أقلّ من علوٍ أنمُلته والوسطى جاوزَهُا بكثير والخُنصِرُ مثْلهُ والبنصرُ أقل .... الخ
ولا يغيبُ رمْقُكَ عن الخدوشِ وندباتِ الحروقِ اليسيرة بعضها عفى عليها الزمن والبعضُ مازال فتيًّا داكِنًا أو مُحْمرًا .....
- بُرْهة تأمل لها ، اممم لاأدري عرقُ باطن الكف جهةَ الإبهام ينصُّ نصًّا!
لمسةٌ هادئةٌ جدًا فوقه تُشعِركَ بضخّ الدمِ بعنفٍ شديد !! لا أدري تُوحشْني العروق البارزة ..... فما تراها أنتَ ؟ مزيدُ ذبول ! -
أممم ماذا أيضًا مِن الإبْتذال ! باطِنُ قدمايْ الظاهِرُ لكَ بدا مُصفرًا كورقِ الخريفِ !! ولا تقلقْ بشأن " الشُطوب" على أمْشاطِها فإنّي أحدسُ أن ابْتذالي مهما بلغَ ذروته فلا يطيقُ شطبًا واحدًا فيها
و
و
ابْتذالاتٌ مُترعةٌ إهمالاً يهذي الحرفُ أن تركَ نعْتِها أطيبُ للذوائقِ المارّةِ !!
المهم على هكذا رثاثتيّ بينَ ناظريكَ
أكنتَ تُحِبُّها !؟
فإن لمْ تكن
فلستُ سِوى جسدًا مُسجى بينَكَ ! و دُسَّ حديثَ الأرْواحِ في فِيكَ ، فإنّكَ لم تصدُقْنِي رُوحًا بقدرِ ما صدّقْتَ عيْناكَ
_______
و السلامُ عليّ في مُبْتَذليْ وَ ترَفـي .....