{ إلاّكَ ، فلا أخْذِلُكَ }





؛
قُلْ لي : ياشيخي كيفَ يخيطُ الشيبُ عارضَ الخمسين !
يافداكَ القلبُ ونبْضُه كيف حلّ البؤسُ مُحياكَ !
ياروحَ قِطعِ الفؤادِ هي مِنكَ وإليكَ ، حدّثني عن عيْناكَ وبحْلقةِ الكُتب
عن نورٍ يعتلجُ فيكَ ومنكَ
عن سؤددِ العلمِ وبهِ ترْفعني ! عن رهقِ الصِبا وعن مشاقِ سفرِ العشرينَ ، وعن تعبِ الطموحِ ونصَبِ الأربعين
عنكَ حيث أُريدُكَ !
 فلا تكونُ إلاّ سراجاً وقادًا بينَ ظُلمةِ جمهرةِ الأوراقِ
عن مِرآةٍ كبيرةٍ تُظلِّل عيناكَ يحسبُكَ الناظِر ابن الستين !
عن وجعٍ يضطرمُ بداخلكَ من عنصرِ الكآبة
وعن انزوائتِكَ والعُزلةُ المديدة
عن تقشّفِ حالكَ وترفِ عقلكَ !
وعن خذلانِ يميْنِكَ ، وعن قلبكَ المُغيّب بين أحشاءِ النسيانِ مِن فرطِ تنويرِ العلوم !

أ تحِبُّ ياشيخ ؟ أكانتْ أمِّي حظّوتُكَ !
فكنتُ أنا وكانوا .... كهمٍّ تسْتلذّهُ ! أو وجعٍ لايقوى عليهِ قلبُكَ ، أمْ قسى وجفَّ الفؤاد من طولِ هجره !
،
أبّي ، عقلي والفؤادُ هما ألصقُ الأشباهِ بِك ، كيف جئتُكَ نُسخةً عشرينيةً ؟
ماتراني إلاّ وتبْتسِمُ وتدّكِرُ أيامك ، كُلما هذيتُ معكَ أدركتَ بقيةَ الحديثِ فلا أعيد ،
كأنّي أنا أنتَ في زمنكَ ، والحديثُ وخيوطُ الذهنِ ترتبطُ بغرّزَةٍ هي نفسها غُرزت بعقلكَ قبل سنين ! إلاّ بعضَ هدبٍ من الخيوط معّولها تأثيراتُ المحيط .

تُحبُّ عقلي أكثرَ منْي رُبما !
لأنّه أنتَ
تحيطُهُ بذراع الوصايةِ بل تقبضُ عليه ، كأنّكَ تُحافظُ عليكَ
أُقصّرُ في مدِّ فؤادي فلا تضجر ، ونظرةٌ مِنكَ إليّ تشفيْ وجَدَ نفسِكَ لي .
{
-أوجَعتني ذا مرّةٍ ، إذ كُنتَ تُداعبنا وتتفحص قلوبنا أيّهما أكثرُ ولاءً لكَ أم لأمّي ! قلتَ : لعبدالله أنتَ تميلُ لأمّك أكثر مني ، ولريان أنت من وفدِ أمّكِ ، ولروى أنتِ عونُ أبيكِ  .... الخ فلمّا أتيتني قلتَ بمُزاح مخلوطٌ بصدقٍ خفيّ  : "أنتِ لا أمّك ولا أبوك " ؟؟!! لا أملكَ تكذيبكَ فأنتَ أعلمُ بشبهِكَ مِني ، كما لا أملكُ التصديقَ خشيةَ ما يُخشى لمثلِ هذا .
...}
،
ثُمَّ
قلْ لي ياشيخ !
أ إليكَ مصيرُ خمْسيني ! أهكذا نهترئ وتجفُّ ينابيعُ اللهو ويصفدُ الأنس بأغلالٍ غِلاظ ، ونحتضنُ الإنزواءَ بخشوعِ العابدين !
،
أتدري ياسُؤددي !
 [.... إلاّكَ فلا أخْذِلُكَ ..]
سأسلكَ درباً مهدتَهُ لي وقشّفَ كعبَ عشريني ! فلاضيّرَ ، سأدوسُ بأمشاطِ عقلي عثراتَ الهوى
، سأقْبض بكفِّ رشدِ الاربعينِ على وريقاتَ السفهِ  ، سأحفرُ أعماقَ لُبّي لأسْتخراجَ مااسْتخرجته أنتَ فألبابُنا ياشَبَهيْ واحدة !
سأفعلُ للهِ ،
لأجلكَ ،
للسنين ،
لنزرِ
 سُعدٍ يفيضُ مني مُستقرًا في ناحيةِ وجْدانِكَ !
ليدٍ تمتدُ ولا تكتفي بالرْفعةِ بلْ تحْضِنُ ، ولو تَمرّغتُ بالسقوطِ وجنّبتُ يدي مساسَ يدكَ ، تفعلُ وتنحني بوقارِكَ كأوتادٍ تُقوّمُ الإعْوجاج .
،
أنا كُلّي منكَ وإليكَ وفيكَ |
لكَ العقلُ ، وليخْسأ القلبُ ويسوّى جَدثَهُ إن عصاكَ
وإن بكيتُ لفقدهِ فبكائي بعيدًا عنْكَ ، فشأنُكَ بي لاتعدلْ عن العقلِ ، وتتوجّعُ لقلبٍ هالك .
|
أوْه أبّي زارني اللحظةُ حديثُكَ ذا صباحٍ إذ ألمحتَ برمقةٍ مازلتُ لم أُترجمها .... وتقول : "نحنُ إذا ولجنا الحُبّ أفْرطنا فرطاً وأخلصنا إخلاصاً " نحن ! ماتعني ياأبي ! وقد قلتَ "أنتِ أنا "بل حكمتَ عليّ بأنّي تكرارٌ منكَ ، أكنتَ تحدسُ سكْناهُ بقلبي !
|
أوه
أبي لا تزْعجني برسمِ ردودِ حواسي وعقلي دعني اكْتشفُ ذلكَ من تلقاءِ نفسي ! لا تفْزِعني بتقريرِ مايؤول إليه حالي !
أن تستقرَ بالعشرين وتعلمُ كوامنَ نفسكَ في ثلاثينها وأربعينها أمرٌ مُرْبِك ياشيخ !
أليس كذلك ، ويزيدُ وأنا أرى أقدامكَ تدقّ زقاق الدار في ١٢:٠٠ ليلاً ،
فمابكَ ! لاشيء أرق.
أو
ونحنُ نتغوّص في محفلٍ ، فلاتأتي ، وإمّا أتيتَ فلا يتوقُ شيءٌ فيكَ للفرح ،
أو أمم وأنتَ تُجاملُ الصغار وتأوي بعيدًا عنهم
مُرْبك ، وسريانُك على وتيرةٍ مُطلقة الكآبةِ مُقيدةِ الفرح بتقييدِ أصابعي !
،
مُرْبكَةٌ ( لاءاتُك) المَبعوثةُ لي بعطرِ الرحمة ، وكأنّكَ ترحمُ حالكَ  :" لاتغرقي ، لاتنهمكي ، لاتُفرِغي شبابكِ كلّهِ على حسابِ المشيب"
خاصمْتُكَ يوماً عليها
فجئتني ببرهانٍ نبويٍّ محمديّ مالي عنْهُ محيد :" ... لعل أن يطول بك عُمُرٌ"
ثمَّ تتلو قولهم :
( مَن جارَ على شبابه ، جارتْ عليهِ شيخوختِهِ )
هذا الإرهاقُ وحيٌّ استلهمُه مِن فرطِ تمجيدِكَ ليْ ، فافعلُ وأهترئ كما ترى فلا أقطعُ عُرى اعْجابكَ المتينةٌ التي تكبْلني كشرنقة ...
،

،
ثمَّ ثقّ يا شيخ  ثقتُكَ بشبَهيْ إيّاكَ
أنّ كُلَّ حظّوةِ عقلٍ ، ومنارةِ نورٍ ، وإن ضئِلت هيْ قبسٌ مِنْكَ إليّ .
،
ثُمَّ سلاماً، ياشيخ  ، إنّكَ لنْ تُعْدَمَ : "وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ..." .



_______________
*يامُهابُ ... لاأدري إذا ما غيّبَتَكَ الأجداثُ قَبْلي كيفَ ستضربُ خلاخِلي أرْضٌ أنتَ دُونها ، ؟ و
الرُوحُ رَوْحٌ وريحانٌ في علوٍ .

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عاد بي، للذي ما عاد لي …

العشم .

تدوينة الميلاد، و العام ….